ص1       الفهرس      31-40

 

موسم رمي الإدارة بالحجارة

حميد قهوي

لا أحد –كما قيل دائما- سبق له أن صافح سيدة وقورة اسمها الدولة أو الإدارة، وبالرغم من ذلك، كان على المغرب أن ينخرط طوعا أو كرها في تيار تم بناؤه على تمييز لا يخلو من مكر سياسي بين الإدارة والإداري وبين سائر الأنشطة الاجتماعية ومجالات البحث الأخرى. هكذا ومقابل تخصيص حقيبة وزارية على سبيل المثال للوظيفة العمومية والإصلاح الإداري في آخر التشكيلات الحكومية، يستحيل ولو على مستوى التصور انتظار وزارة للإصلاح السياسي أو أخرى للمالية والإصلاح الاقتصادي في اتجاه تقليص إرادي للفوارق الموروثة إلخ، ووجه الاستحالة هنا لن ينشأ إلا من انعدام السوابق الخارجية القابلة للاستيراد، ومن تلك الخسارة الكبرى التي قد يتحملها السياسي في حالة تخليه عن طقس تقديم الإدارة وحدها قربانا لكل الأزمات. غير أن التضحية السياسية بالإدارة لم تعد بالضرورة مرادفة للقربان والتقرب لمجتمع داخلي اضطرته المعاناة مع تجليات الندرة والخصاص إلى تكوين حكم مسبق باللاجدوى على الدولة والسياسة، أو لمجتمع دولي -تعلم الآن أكثر- كيف يربط بين رغبتنا في الاستثمارات والنقطة المحصل عليها من طرفنا في درس الحقوق والحريات، إن الأمر يتجه منذ انتباهنا إلى الألفية الثالثة –كضيف لم نتهيأ بما فيه الكفاية لاستقباله- نحو ما يشبه موسما جماعيا لرمي الإدارة بالحجارة السياسية بالدرجة الأولى والأكاديمية والإعلامية بدرجات متفاوتة من حيث التصويب والآثار المترتبة عنه. إلا أن نفس المكر الممكن قياسه في ظل هذه الطريقة الجيدة لتحويل الأذى إلى جهة أخرى غير الذات التي تحتضن أعراضه


[1]، يتعين ملاحظته أيضا على مستوى النتائج المتوخاة من مواسم التنديد والتطهير بالمعنى الأرسطي هذه، وهي غالبا من قبيل ما لا يليق الإفصاح عنه. إن رمي الإدارة بحجارة أو عبارة تنديدية من منطلق أنها مكلفة وغير منتجة[2]، أو مرتشية وبطيئة لا تحكمها معايير الجودة والمساواة في تقديم الخدمات إلخ، هو في نهاية المطاف الطريق الأسلم والأكثر أمانا لبلوغ هدف تحويل الأذى الناتج عن التنديد العام بما هو عام إلى فرع واحد من فروع الدولة والسياسة تعوضه النفقات العمومية بالأجور القارة وما يحوم حولها من امتيازات، وفي نفس الوقت، يتغيأ توجيه الاتهام إلى شخص معنوي أو مجرد يسمى الإدارة تقييد التهمة عند التأكد من مختلف عناصرها ضد مجهول وبالتالي تبرئة وإعفاء أكثر شمولا للإداريين كأشخاص يتعين أن يحافظ لهم على صفة الطبيعي التي يقيمها القانون نفسه في تعارض تام مع صفة الشخص المعنوي.

لنتأمل هذه الصورة الكاريكاتيرية من قلب صحافتنا الأكثر انتشارا من الناحية النظرية على الأقل[3]: رجل بلباس مغربي قروي أمام باب مغلق تحمل واجهته عبارة "إدارة عمومية"، وشخص آخر لا تهمنا هويته ينصح الأول بتشغيل مفتاح الإرشاء لتقضي الإدارة مآربه بالسرعة المطلوبة، إن إظهار هذه العلاقة المعتلة بين الإدارة والمغاربة يوازيه إخفاء للشخص الطبيعي الذي غلق باب الإدارة في وجه ذلك القروي، والذي يتوجب تحفيزه بمال المواطنة المغبونة على تلبية الطلبات والمنتظرات، وما دامت هذه الصورة قد رسمت بالضبط للبرهنة على وجود مجموعة من مظاهر الخلل في إدارتنا اللامركزية كما أفرزها صيف الحسابات الإدارية بالجماعات المحلية، يقفز إلى الذهن تساؤل حول الدافع الذي كان وراء تخصيص ميثاقنا الجماعي الصادر بتاريخ 30/9/1976 دورة كل سنة –ووجوبا- للتصويت على الحساب الإداري، ألا يخفي ذلك الأمر رغبة سياسية في تغييب الحساب السياسي والدوري مع مكاتب جماعية يعترف السياسيون بأن اليد الطولى في صعودها وتشكيلها هي يد الإدارة؟ وقد يرفض هذا الادعاء بالرجوع إلى إمكانية حضور المواطنين أثناء انعقاد الدورات التي لا تكون مغلقة إلا لظروف وطبقا لمساطر جد استثنائية، غير أن هذا التعليل الذي يراد منه إظهار الحساب الإداري في صورة حساب سياسي من المتيسر رفضه بمجرد التذكير بأن حضور المواطنين وحتى الأكفاء منهم، مشروط بالتزام الصمت والهدوء كما تفهمه السلطات الوصية خصوصا وأن الصيف الذي أصبحت تقرأ فيه الحسابات الإدارية الجماعية –للمرة الثانية في الغالب- مرتبط في لا شعورها بالقلاقل وحرارة الفعل السياسي غير المنظم. إن دورة الحساب الإداري بهذا المعنى كما الأمر بالنسبة للجن الإدارية المتساوية الأعضاء أو الإصلاح الإداري نفسه أو الرخص الإدارية عندما تعني حق الموظف في العطلة أو الامتيازات الممنوحة لبعض الخواص، كلها وغيرها مما لا يسعنا المقال لذكره، وبالقدر الذي تصلح فيه لتشكيل جبهة موحدة للتنديد بالإدارة، بالقدر الذي تسمح فيه للسياسي بتبرئة النفس من جهة، وتقييد التهمة في النهاية ضد مجهول. وإذا ما بحثنا في ذاكرتنا الجمعية عن المرادف الأكثر بلاغة لهذا الوضع، لن نعثر إلا على تلك الأحجية التي كنا نسأل فيها عن الكيفية التي نحصل بها على تفاح شجرة فوقها قرد شرس وبيننا وبينها هوة سحيقة لا نستطيع عبورها، لقد كان الجواب الصحيح هنا هو القول برمي القرد بالحجارة ليرد هو برمينا بالتفاح، هذا هو الوضع بالضبط، فكما لا يهمنا في مثال الشجرة غير ما سنحصل عليه من فاكهة من خلال حيلة رمي القرد بالحجارة دون أن يشكل هذا القرد هدفا في حد ذاته، لا يعنينا كسياسيين أو باحثين أو اقتصاديين في مواسم رجم الإدارة إلا ما سنجنيه في صورة امتيازات أو ريع مقابل التنديد، وبالتبعية، يصبح المندد الأكبر بالإدارة هو المؤهل الأكبر للحصول على فاكهتها المغربية. إلا أن موسما للرجم من هذا النوع لا تستبعد فيه بعض  الأحداث بين الفينة والأخرى يكون فيها الإداري كشخص طبيعي هدفا للرمي والتسديد عوض الإدارة المجردة، وهنا يصح الحديث عن أحداث لا بد منها في صناعة محاور الخطاب الإصلاحي لكي نضمن لهذا الخطاب القدرة على المنافسة في سوق إصلاحية[4] يطبعها التضخم في المعروضات وعدم الثقة في الجودة من جانب الرواد والمستهلكين، وللسبب ذاته، قد يكون هدف الرجم هو أحد المكونين للمشهد السياسي نفسه، لكن الأمر هنا لا يختلف عن سابقه، فحينما تسقط إحدى الرؤوس الحزبية أو النقابية، يتدارك المندودون بنعث الحزب أو التنظيم النقابي موضوع التقهقر بالإداري، هكذا إذن تظل القاعدة الأولى هي تحويل الأذى إلى جهة أخرى غير الذات المحتضنة لأعراضه، وتظل القاعدة الثانية هي ألا تعطي مواسم رجم الإدارة غير الفوائد والأرباح، أما الخسارات، وإذا كان لا بد منها بين الحين والآخر، فيتعين ألا تتعدى الحدود الموصوفة لها في مفكرة السياسي، ولتجنب الخسارات أيضا، أصبح من المألوف أن يشارك الإداريون أنفسهم في موسم رمي الإدارة بالتنديد لتنسب تهمة اللاجدوى ومقاومة التغيير في النهاية إلى مجهول. والنتيجة التي لا مفر من إبرازها هنا أن الإصلاح والإصلاح الإداري بالتحديد هو في نفس الوقت تحايل ذكي على التغيير، ومبرر مستمر لوجود السياسي وبالتالي هو ذاك الخطاب المشبع بالبيان والفصاحة والتنديد والذي يتوجب عدم تنفيذه، لأنه حين يتحقق بالملموس، يصبح السياسي والاقتصادي والأكاديمي مجبرا على تقديم استقالته أمام الملأ. إن الإصلاح بهذا المعنى إذن هو ذلك الملف الذي يتعين فتحه باستمرار للحصول على فاكهة الأشجار الإدارية خصوصا بعد الترخيص الشهير الموقع من طرف البنك الدولي سنة 1995، والذي سمح للكل بالمشاركة في موسم التنديد الجماعي بالإدارة المجردة بعد حبسة دامت لعدة عقود[5]. وفي ظل هذا الإجماع على إدانة الإدارة، يصبح أي فعل مخالف لطقوس الرجم بمثابة دفاع عن الشيطان، ولكي لا تتم التضحية بحقوق الإدارة والإداريين في الدفاع عن مجال فعلهم نتيجة فهم ضيق وانتقامي لحقوق الإنسان بأجيالها الثلاثة أو بدافع تدبير غير مكلف للتوترات، وإسهاما في بلورة علاقات طبيعية بين الإدارة، كرافعة يجب أن تشارك في الانتقال، وبين مواطنين عودهم التاريخ على مواجهة الإقصاء باللاأبالية وتتفيه الخطابات الإصلاحية، لا بد من تأزيم للخطاب التنديدي الموجه حاليا للإدارة كشخص معنوي بالدرجة الأولى، ولا بد في هذا التأزيم أيضا من تسليط الأضواء الكاشفة على العناصر الأكثر قدرة على التنشيط وصنع الفرجة في موسم رجم الإدارة هذا وهم على التوالي السياسي والاقتصادي والباحث والإعلامي كل في دائرة اختصاصه أو التفويض الممنوح له، ولنتذكر الفرضية التي انطلقنا منها والتي تجعل من يندد أكثر هو المؤهل الأكبر لملء سلته من فاكهة الإدارة/الشجرة. وبما أن المواقف والسلوكات هي في حقيقتها مفترق طرق تتلاقى أو تتصادم فيه الأعذار، فإن سلوك المنددين الجدد بالإدارة هو من باب النزاهة البعيدة نسبيا عن التحامل والتنديد، سلوك يفرضه واقع إدارة ليست لا مجبرة ولا مهيأة لتلبية كل الطلبات وبالتالي فالأولوية هنا لا تعطى إلا لمن يستطيع اختصار الطريق[6]، واختصار الطريق يبدو أنه اليوم يعني التنديد بعد أن ظل لفترة تاريخية طويلة لا يعني شيئا آخر خارج معادلة المدح والاسترزاق. أما عذرنا نحن في التعامل مع السياسي والاقتصادي والإعلامي والباحث على نفس المنوال الذي يشتغل به هؤلاء على الإدارة المجردة دونما إزعاج للإداريين، فمن الممكن صياغته في جملة واحدة: إن من أعرافنا النبيلة ألا نكتب لتاريخ أو نقرأه إلا بعد رحيل صانعيه أو على الأقل بعد تلقي الإشارة الخضراء.

1 – يندد السياسي بالإدارة الموضوعية رهن تصرفه أو المفتوحة أمام غزوه المقبل وينسى أو يتناسى أن هذه السيدة الافتراضية المتشحة في ذهنه وخطابه بالسواد لا تكون إلا كما أرادها هو أن تكون، وهنا يحق للسياسي أن يذكرنا ببعض التواريخ ردا على هذا الادعاء، كون دستور 1962 عندما اعترف للأحزاب مثلا بحق أو واجب تأطير المواطنين في علاقتهم بالسياسة والإدارة، لم يفعل ذلك إلا بعد مرور أربع سنوات على ميلاد النظام الأساسي للوظيفة العمومية، والنتيجة أن الإدارة ولحد الآن هي المسؤولة عما كانت عليه السياسة وما ستكون عليه، وللتعقيب على هذا الرد، يستحسن إنهاء منطق التحليل هنا ببدايته، لقد سبق ميلاد الوظيفة العمومية تاريخ الميلاد الدستوري للأحزاب ولمختلف السلط والعلاقات العمومية لسبب وجيه لدى السياسي نفسه، أن يجد الفضاء الأرحب لمكافأة أطره أو لاحتواء المنافسين المحتملين –المتعلمين في الغالب- لاحتكاره الممارس في مجال صنع التوترات وتوظيفها بغرض الهيمنة والتوسع، ولم يكن هناك أحسن من إدارة عمومية ووظيفة عمومية مفتوحة على كل الامتيازات التي كان من الممكن استيرادها ومغربتها بتزكية من حقبة شيوعية فرنسية، وعندما تحضر الامتيازات، يحضر الصراع السياسي بكل ثقله وبالتالي يحضر التعدد بمعنى الانشطار والانقسام الحزبي والنقابي والإداري طبعا. وإذا كان الدافع إلى ذلك الاستيراد مفهوما باستحضار وضعية البلاد آنذاك باعتبارها حديثة الاستقلال قليلة التجربة التي تسمح لها بالتمييز بين إدارة حيادية لا ولاء لها إلا للدولة وبين سياسة يفترض فيها التغيير المستمر للولاءات والبرامج، فإن الذي يبقى مستعصيا على الاستيعاب هو الدافع الذي جعل المغرب المستقل يختار نظاما للوظيفة العمومية مبنيا على "الحياتية" وعلى الفصل الصارم بين العام والخاص عوضا عن نظام مفتوح مؤسس على الوظائف لا على شاغليها وعلى المرونة وعدم الاعتراف للإدارة بامتيازات تميزها عن الفضاءات الاجتماعية الاقتصادية الأخرى، لكن هذا الاستعصاء على الفهم يمحي بالتذكير بأن 24 فبراير 1958، تاريخ ميلاد الوظيفة العمومية في المغرب، هو في نفس الوقت تاريخ عقد القران بين الكفاءة السياسية في تدبير التوترات والمكافأة بامتيازات وإغراءات المصعد الإداري، لذلك لن يكتشف قارئ متزن لأحداث مغرب ما بعد الاستقلال إلا قدرة هائلة على الاسترزاق داخل دهاليز الإدارة[7]، ولذلك أيضا، سيستمر الإصلاح محاصرا –كلما أريد له أن يبتعد عن مجال صناعة وبلاغة الخطاب- بالغنيمة وأشكال أخرى في المقاومة والتبديد. هذا وإذا كان من الممكن العثور على نظام للغنائم الإدارية بشكله الأكثر طلاقة في مجتمعات اختارت لنفسها الوظيفة أو الخدمة المدنية المفتوحة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الاختلاف عندنا يكمن في أننا تمرسنا جيدا على الإخفاء وتسمية الأشياء بغير مسمياتها، فعقب كل تشكيل أو تعديل للحكومة، يكون على أعضاء الدواوين الوزارية أن يجمعوا حقائبهم ليأتي آخرون وهذا أمر طبيعي للغاية، وطبيعي أيضا أن ينغمر الوافدون الجدد كما فعل أسلافهم في متاهات الروتين الإداري، لكن من غير الطبيعي أن تتخفى الدواوين وراء ظهير غير منشور يتحدث عن امتيازات مقابل اختصاصات سياسية لا علاقة لها بيوميات الإدارة. إننا نفهم مثلا المقصود من أن الإدارة الأمريكية متحيزة إلى إسرائيل أو أنها مهتمة بخروقات لحقوق الإنسان في بلد آخر، إن مثل هذه العبارات التي تنصهر فيها السياسة والإدارة دون عقدة نظرية هي التي تنقص فرنسا كمصنع لموادنا الإدارية المستوردة، ومثلها ينقصنا نحن لنصل إلى الحقيقة المرة التالية: كون السياسة والإدارة –وإلى أن يتحقق العكس بالملموس- بمثابة جسد برأسين قد ينطقان معا بلفظة الإصلاح ومقاومة الإصلاح، وفي النهاية لا مناص من تشبيه هذا الأمر بذلك الحيوان الخرافي الذي يقتات من نفسه.. والآن، وشريطة الاقتناع بأن المرحلة المغربية الراهنة الواعدة رغم كل التنديدات لن تحتاج إلى التاريخ إلا لكي تتحصن ضد الظواهر المعتلة القابلة للتكرار، لن يكون هناك مكان للعدميين أو لمقاومي الإصلاح إذا ما سميت الأشياء بمسمياتها أو على الأقل عرفت بعكسها، إن أي تناوب أو تداول سياسي، خارج الدائرة الخلدونية المغلقة والرتيبة، يتعين أن يوازيه تناوب أعم إداري على المسؤوليات من منطلق الكفاءة لا من منطلق المنصب الشاغر، وسياسي حزبي نقابي على أساس تسوية تعاقدية لا تترك للموت وحده سلطة تغيير القيادات، ثم إن أي إصلاح للإدارة لا تكون الغاية منه مجرد الحصول على الامتيازات المكافئة للتنديد يتطلب وقفة حزبية لتأمل هذا التعدد لدرجة الانشطار، وإذا ما كانت النتيجة هي التوحد داخل قطبين أو ثلاثة أقطاب حزبية ونقابية كبرى، فإن النتيجة الأكثر نفعا ستتجلى في تبرئة الإدارة من تهمة إفساد الانتخابات ومن تهمة التعقيد والبطء واللاجدوى ما دامت الأقطاب الحزبية الكبرى لن تحتاج على سبيل المكافأة إلا لتشكيلات حكومية مقلصة، وبالتالي لن ينتظر من الإدارات إلا التنكر لطابعها الكافكاوي والاندماج داخل أقطاب كبرى هي التي يحتاجها المغرب فعلا، وما تبقى يمكن تدبيره في صورة وكالات..

2 – أما الاقتصادي، فعادة ما لا يشارك في التنديد بالإدارة إلا بتفويض صريح أو ضمني من السياسي، وعندما يحصل على هذا الإذن، يأتي تنديده بالسيدة الافتراضية بالقدر الذي يمليه التعريف الأكثر بدائية للسلوك الاقتصادي باعتباره يهدف أساسا إلى تحقيق أكبر عائد وفي أقرب وقت وبأقل مجهود[8]، ففي إطار هذا التعريف، كان على السياسي أن يوظف خبرة الاقتصادي أولا في اتجاهين: قياس درجة تأثير مختلف المصالح الإدارية في الاقتصاد الوطني مع التركيز على ما تمتصه النفقات العمومية في شكل أجور للموظفين، وهنا يتوجب على الاقتصادي أن يهيئ الجواب المناسب لكل مرحلة سياسية، فيظهر تواضع الأعداد البشرية في القطاع العام عندما يكون الهدف هو بسط هيمنة الدولة ترابيا أو تعويض النقص المترتب عن بعض اختلالات سوق الشغل، أو على العكس من ذلك، ينطلق من معاينة كتلة غير محتملة للأجور العمومية للتوصية بتجميد التوظيف أو تقليص وتيرته. ثم إن من واجب الاقتصادي الموظف لدى السياسي أن يوصي إما بالتأميم وبالتالي اعتماد سياسة المؤسسات العمومية وشبه العمومية الكبرى، وإما بالخوصصة وما يتبعها من نتائج لا تترك للإدارة غير مجال التنظيم والتقنين والتحكيم بين الفاعلين الاقتصاديين، ويبدو أن المرحلة المغربية الراهنة تتجه نحو تبني هذه التوصية الأخيرة على حساب ذلك الربط الدستوري بين حق المغاربة في التعليم والتربية وحقهم في الشغل[9]، وبتجاهل تام لملامح وضعية اقتصادية سيطبعها لفترة لاحقة –قد تطول أو تقصر- غياب البدائل التي بإمكانها خارج الإدارة أن تؤمن إدماج المتعلمين اجتماعيا وتجنيب الدولة والمجتمع كل تلك الخسارات الناتجة عن كلفة عالية للتعليم مقابل سوق تشغيلية لا تستجيب إلا بالتعطيل والتسريح. هذا، وعندما يشارك الاقتصادي في حملات التنديد الحالي بالإدارة كحشد من الموظفين والوظائف بعيدا عن كل جدوى أو مردودية، ينسى أو يتناسى أن المغرب الذي كان عليه بعد الاستقلال أن يقطع ولو بشكل متردد بعض المسافات على طريق تعميم التعليم، كان عليه أيضا نتيجة محتوى تعليمي ظل مستعصيا على الإصلاح[10] أن يوظف الإدارة العمومية نفسها كمشغل أول لا يهمه إلا امتصاص الفائض. لنعد للتأكد من هذا الأمر إلى الوظيفة العمومية التي يبدو أن سلاليمها مفصلة جيدا على مقاس المستويات التعليمية[11]، ولنتذكر كل تلك الأدوار التصحيحية لاختلالات نظامنا التعليمي والتي كان على الإدارة أن تلعبها في شكل حملات توظيفية ساعد عليها أيضا غياب تصنيف أو توصيف وطني مدقق للوظائف العمومية. وقد مر هذا الدور التشغيلي التصحيحي الذي أسنده المخرج السياسي الاقتصادي للإدارة بثلاث مراحل على الأقل هي حقبة ردم الفراغ البشري الذي نتج عن رحيل الإداريين الأجانب[12]، وقد أسست شرعيتها بعد الاستقلال على مبدأ المغربة، وهو المبدأ الوحيد الذي كان قادرا على مواكبة مبدأ تعميم التعليم، ومن هنا يمكن الانطلاق لفهم ضعف الأداء الإداري من ندرة الكفاءات الإدارية التي كان التعليم يسمح بها آنذاك وهي نفس الندرة التي حتمت الانتقال إلى مرحلة تاريخية ثانية في بداية السبعينيات من القرن الفارط، وهي فترة تميزت بمنافسة شرسة للقطاع الخاص قد تكون وراء تعثره لحد الآن، وفيها التجأت الإدارة إلى مؤسسة الخدمة المدنية وتقنية التكوين الإداري لفائدة المركز والجماعات المحلية. وأخيرا، سيوصي الاقتصادي بدخول مرحلة ثالثة هي المستمرة لحد الآن، وتتميز بتحول الإدارة من موقعها كمشغل اجتماعي أول إلى موقع المندد به اجتماعيا نتيجة رغبة قوية في الحفاظ على التوازنات المالية. إن الصورة التي يحاول الاقتصادي في الوقت الحالي –وبإيعاز من السياسي- محوها من أذهان المواطنين هي صورة إدارة عمومية ظلت وحدها عبر التاريخ قادرة على مكافأة وإدماج المتعلمين، لكنه في المقابل، يضحي بالتوازن الاجتماعي وبنفقات عمومية هائلة على تعليم غير متبوع بالإدماج، كما أنه وهو يوصي الآن بمحو تدريجي لتلك الصورة التي تكونت للإداريين عن الإدارة كفضاء للفوارق في الأجور والامتيازات[13]، يفعل ذلك مع تغييب لا مبرر له لمجموعة من الأسئلة الحرجة من طراز: من بمقدوره أن يستوعب المستويات التعليمية الدنيا إذا ما كتب للإدارة فعلا أن تتراجع عن دورها في الإدماج الاجتماعي لهذه المستويات؟ وما الذي يتعين اختياره للحصول على إدارة أقل احتضانا للفوارق، هل هي قهقرة الأجور العليا في الوظيفة العمومية وحدها لتبقى السياسة دون منافس أهم مصعد يتيح بلوغ أعلى الأجور ولا يربطها بالكفاءة والأحقية؟ أم يتعين الارتقاء بالمرتبات الصغرى ليتراجع الفرق بينها وبين النوع الأول إلى أقل من 33 ضعفا المسجلة حاليا؟[14]، وفي الحالة الأولى، هل سيمكن الحاصل من قهقرة الأجور العليا من ربح فائض مالي حقيقي أم أن الأمر غير مؤكد بالنظر إلى هذا الطابع المكلف للديموقراطية؟ وفي الحالة الثانية وهي التي تتطابق إلى حد ما مع ضرورة الشروع في تجسيد الدولة الاجتماعية، ألا يتطلب المنطق التراجع عن هاجس التوازنات المالية ما دامت البراغماتية الدولية الحالية تجعل التمويل بالعجز ممكنا شريطة اقترانه بالقدرة على الوفاء بالديون في المستقبل؟ إنها فقط محاولة إذا لم نتمكن فيها من تأزيم الخطاب الاقتصادي الحالي المندد بالإدارة، فهي على الأقل تقدمه كخطاب متطفل على هذه المرحلة التي يراد لها أن تحقق موعدها دون تيهان كبير مع الدولة الاجتماعية.

3 – ويشارك في الموسم الحالي المنعقد للتنديد بالسيدة الافتراضية فاعل آخر حصل بدوره على الترخيص بالدخول بتفويض من السياسي، والمقصود هنا هو الباحث، وبسرعة، نشير إلى أنه منذ صدور مرسوم 19 فبراير 1997 المنظم الجديد للدراسات وتسليم الشهادات بالجامعات المغربية، أصبح من المتيسر ملاحظة حركة احتجاجية استعطافية وقضائية أحيانا تهدف إلى إرغام الإدارة على الاعتراف بحق كل من قضى ولو سنة بعد الإجازة في ولوج تلك الدرجة الاحتياطية التي تصلح لإيواء كل التخصصات، والمقصود هنا درجة المتصرفين. وقبل ذلك بسنوات، كان على الباحث الموظف أن يحفظ مجموعة من الدروس جيدا، ملخص الدرس الأول أننا عادة "لا نقوم بالبحث، وإذا قمنا به لظروف خاصة، فإنه لا يقرأ، وإذا قرئ فإنه لا يفهم، وإذا تم فهمه فإن توصياته لا تنفذ"، وملخص الدرس الثاني، والمرجع هنا هو النظام الخاص بالأساتذة الباحثين، أن الترقية الإدارية إلى رتبة أو درجة أعلى، وأن النقطة السنوية التي تمنحها الإدارة، تحضيرا لهذه الترقية، مشروطة بنشر مقال أو أكثر على صفحات الجرائد الوطنية أو إحدى المجلات المتخصصة، وعليه، فليس المهم هو ما يكتبه الباحث أو يحاضر به من تنديدات موجهة في هذا الموسم الوطني للإدارة، ولكن المطلوب إضاءته هو لماذا يفعل ذلك أصلا؟ لنعط المثال هنا بتخصص أكثر قربا من الشأن الإداري وهو القانون الإداري أو العلم الإداري الذي لم تعد جمارك الجامعات وشبكات البحث تتشدد في استيراد مقارباته وخلاصاته من الغرب، ففي كنف هذا التخصص، ومنذ منتصف السبعينات من القرن العشرين على الأقل، كان الاستشهاد بإسم من العيار الثقيل هو ميشيل روسي ضروريا ليوصف الباحث المغربي بالجدية والصرامة، أما الآن وكما تعودنا على إقالة المدربين الفرنسيين على إثر كل هزيمة كروية في المنافسات الدولية، تعودنا على سماع بعض الانتقادات لمدربنا السابق على خوض غمار البحث في المركزية واللامركزية والمصالح الخارجية، وذلك على اعتبار أن خططه أصبحت متجاوزة، فعوضا عن الاستمرار في تعليل فشل اللامركزية وضعف أدائها بسوء التأطير البشري، وبدلا من التمادي في إظهار الجماعات المحلية كشخص قاصر تواجهه وصاية حادة ومكلفة، أصبح السياسي الجديد يطالب باستيراد ومغربة قاموس آخر من ألفاظه المترددة شراكة المجتمع المدني والمواطنة والإدارة المنصتة والشفافة والمجاورة وغير المكلفة إلخ، وحفاظا على نفس التوازنات المالية التي أسند الدفاع عنها للاقتصادي، يوصي باحث اليوم بلا تركيز مطعم بالأطر والاختصاصات المركزية المحولة وقادر على ممارسة الوصاية دون متاعب وبتعدد الرقابات وبتحيين النصوص القانونية وما شابه ذلك من توصيات يصوغها بكل طلاقة انطلاقا من عبارة "يجب أو يستحسن"، وهنا تكمن الإجابة عن سؤالنا السابق حول "لماذا" التنديد؟، فباحث الأمس بالنظر إلى طفرة حققتها مداخيل الفوسفاط لفترة معينة[15]، كان بمستطاعه استيراد محاور إصلاحية مكلفة ماليا من قبيل تكوين الأطر والدعم المالي والبشري للجماعات المحلية والتنمية الإدارية والدولة القوية بنفقاتها في شكل مؤسسات عمومية ومرافق كبرى…الخ، ولا يعني اهتمام الباحث بتلك المحاور الكبرى أن البحث آنذاك كان يكتب وينشر لتنفذ السياسة والإدارة توصياته جزئيا أو جملة وإنما الأمر هنا يشبه قراءة كف سلطة متوجسة من كل شيء بما في ذلك البحث نفسه، هكذا كانت الإصلاحات التي يشتغل عليها الجامعي هي في الغالب تلك التي خصصت الدولة الاعتمادات اللازمة لإدخالها، والدليل أن المراكز التي لم تكن مؤهلة للقيام بقراءة نوايا السياسي، ثم الكتابة على ضوئها، قد أغلقت وعانت من إغلاقها مجموعة من التخصصات نحن الآن في أمس الحاجة إليها.. أما اليوم، وكما الأمر بالنسبة لجهازنا التشريعي الذي يتعذر عليه تعديل المخطط وقوانين المالية إذا كان من شأن ذلك أن يرهق كاهل الحكومة بنفقات إضافية، يتوجب على البحث المهتم بالإدارة أن يندد بسيدة افتراضية لا تستقبل المواطنين بابتسامة ولو مخادعة، ولا ترشدهم إلى المكتب الذي يملك مفتاح ملفاتهم، ولا تنصت إلى شكاياتهم ولو من باب المواساة، ولا تجيب عن مكالماتهم الهاتفية بالسرعة واللياقة المطلوبتين، وإنها نتيجة لكل هذه التصرفات ليست مقتنعة تماما بحقوق الإنسان. إنها جزئيات الخطاب الإصلاحي الحالي كما يصنعها البحث، وما يجعلها قادرة على التداول دون مشاكل ولا حساسيات، أنها تسعى لإحلال جيل غير مكلف من الإصلاحات والتنظيرات محل محاور كبرى بقدر ما هي جدية ومطلوبة بقدر ما هي مرفوضة.

إن التنديد بالإدارة من جانب الباحث وفي نهاية التحليل لا يخدم مرحلتنا المغربية هذه ما دام مهتما بجزئيات الإشكالية غير قادر أو غير مسموح له سياسيا بالاشتغال على البيئة العامة التي رخصت اليوم بالضبط بانعقاد هذا الموسم، وما دام مضطرا إلى نسيان الدرس الأساسي في الإصلاح، أن كل إصلاح هو مكلف ماليا وبشريا وإلا فإنه قد يكون كل شيء إلا الإصلاح. إن مشاركة الباحث في تحقيق الانتقال الموعود ستبقى دون جدوى إذا ما كان الغرض منها فقط إضفاء المشروعية على موسم التنديد السياسي الاقتصادي بالإدارة استباقا لمرحلة ما بعد تلاشي الخطابات، وإذا لم يتم الربط المنطقي الواجب بين مستلزمات المفهوم الجديد للسلطة وممارسة جديدة ونفعية للبحث كسلطة لها الحق في موقع لائق بين مختلف السلط، ولن يكون المطلوب من الباحث في ظل هذا التجديد أن ينسى نصيبه من الدنيا ومن الفاكهة الإدارية، فالمطلوب لا يتعدى تجريب الفرضية التالية: كون تخوين الإدارة بهذا الإجماع وفي هذا الوقت لن يسفر إلا عن مزيد من المقاومة والتراجعات، وعلى الباحث أن ينطلق في هذه التجربة من أزمته هو كما يعيشها نتيجة انعدام للوسائل وتوسع مستمر لدائرة المضربين عن قراءة وتنفيذ البحوث.

4 - وكما الأمر في كل المناسبات، تمت دعوة وسائل الإعلام هي الأخرى لحضور حفل افتتاح موسم التنديد بالإدارة ولتكتمل الفرجة على النحو المصادر عليه. وقد لبت الصحافة المكتوبة على الخصوص دعوة المشاركة هذه بدون شروط تقريبا إلا شرط الحفاظ على انقساميتها وحقها الطبيعي في تدبير الانقسام بالخبر والتعليق المناسبين للغايات المناسبة، غير أن تنديد الإعلامي بالإدارة يتميز بخصوصيات تجعله مختلفا من حيث الدوافع والنتائج عن التنديدات السابقة، فصحفنا المتعددة بتعدد التنظيمات الحزبية كان عليها أن تمارس حقها في التنديد بالإدارة والسلطة طبقا لما تمليه المستجدات السياسية أولا، لذلك فنحن مجبرون على إعادة النظر في ذلك التمييز التقليدي بين صحافة الرأي وصحافة الخبر، فكل الصحف تقريبا، وعندما يتعلق الأمر بالإدارة، تصبح مجالا للرأي والخبر في نفس الوقت، وعليه فإن التمييز الأصح يتعين تأسيسه على "جرح الإقصاء" من ممارسة السلطة وعلى نوع المشاركة وحجمها في فترة ما بعد الإقصاء. ولا تعني مشاركة الحزب السياسي في اقتسام السلطة التنفيذية وجوب تخلي الناطق الصحفي باسمه عن التنديد بالإدارة. إن الحزب مدين في وجوده للرأي العام المؤطر بالدرجة الأولى من طرف صحيفته، وهنا لا نقصد إلا تلك الصحف التي توزع فعلا لكي تقرأ فعلا، وعليه، فالحفاظ على القدرة على التأطير يتطلب الحفاظ على قوة التنديد، ويستطيع الحزب حتى في مرحلة الإشراف السياسي على الإدارة أن يمارس حقه الإعلامي في التنديد بالسيدة الافتراضية إما بالتركيز على الجماعات والسلطات المحلية ما دام الأمر ممكنا نتيجة عدم انسجام حصل دائما بين الأغلبيات البرلمانية المساندة للحكومات والتوزيع الحزبي على الأصعدة المحلية والإقليمية والجهوية، ونتيجة أيضا لتمييز لا دستوري بين إدارات عادية وأخرى سيادية، كما أنه بالإمكان دائما الجمع بين الإشراف على الإدارة وبين التنديد بها على الصعيد المركزي كتقنية من تقنيات تحويل الأذى على نحو ما تقدم. وعندما يتعلق الأمر بالنتائج، فإن ما يستحق التسجيل أولا هو أن التنديد إعلاميا بالإدارة غالبا ما يساهم في إنزال عقوبة معنوية يحكم بها بعد وقوع الحدث إما للتأثير في قضاء يفترض فيه الاستقلال وإما لامتصاص إحدى بوادر التوتر غير المرغوب فيه سياسيا أو تبرئة نهائية ومحكمة المراحل تبدأ بالإدانة وتنتهي بالاعتذار مرورا باستعمال الحق في الرد أو الحق في المقاضاة. إن الإعلام من خلال دوافعه إلى التنديد بالإدارة ونتائج هذا التنديد لا يساهم هو الآخر إلا في تكريس انعدام الثقة بين الإدارة ومحيطها، وهو الأمر الذي لن ينعكس سلبا على الإدارة وحدها، بل من شأنه أن يحرم صحافتنا الوطنية من الجزء المتبقي لها من القراء والمشاهدين، والذي أصبح الآن أكثر قدرة على استيعاب المتناقضات ومنها على الخصوص ثنائي التنديد/المكافأة، فليستبق إعلامنا هذا المصير، وإذا كان لا يستطيع تبرير وجوده إلا بالتنديد بالإدارة وبعض الإداريين عند الاقتضاء وفي رحلة سياسية دائمة بين المشاركة في السلطة وانتظارها، فعلى الأقل، لنتدرب جميعا على محاصرة ما يستدعي التنديد بالإدارة في مهده، ولنساعد الإدارة على تقبل الإصلاحات بما يشبه إعلاما وقائيا وإلا، وعلى سبيل الختام، ليقل هذا الإعلام ما يشاء، ومن حق الباحث أن يوصي بما يشاء، ومن حق الاقتصادي أن يقول ما يشاء، ومن حق السياسي أن يحول عنه الأذى كيف يشاء، وللإنصاف، من حق الإدارة أن تفعل ما تشاء كأن تتحاشى الحجارة في هذا الموسم التنديدي الكبير بالتقوقع وراء الإسمنت المسلح هي التي نطمح إلى أن تكون من زجاج. إن المنطق مهما حاولنا تطويعه –لنحصل على التبرير الذي نريده- لن يستقيم له أبدا الجمع بين الحجارة والزجاج.    g

 

 

 



[1] - حول تحويل الأذى كممارسة استشفائية شعبية، راجع نادية بلحاج، التطبيب والسحر في المغرب، ص.1، 1988.

[2]  - V. Etude de définition sur la fonction publique et les structures administratives du Royaume du Maroc : Synthèse des diagnostics et définition des cadres de référence, Rabat, Mai 1999.

[3] - انظر هذا الرسم مثلا في جريدة الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 18 شتمبر 2000.

[4] - على مقاس السوق اللغوية لبيير بورديو، انظر الترجمة التي قام بها حسن أحجيج لهذا النص في مجلة فكر ونقد، ع20، يونيو 1999، ص139 وما بعد.

[5] - هذا المرض المعروف طبيا بـ l’aphasie يؤدي بالمصاب به إلى فقدان ملكة الكلام، وقد تتعرض له المجتمعات أيضا، ويمكن القول إن المغرب في هذه المرحلة يتداعى للشفاء منه بالنظر إلى أن الشأن العام أصبح يناقش بدون حرج أو إحراج وربما بدون ضوابط أيضا.

[6] - تاريخيا، وكطريق إلى امتيازات المصعد الإداري، وظفت البلاغة والمدح والتاريخ والزواج وغير ذلك، انظر مقالنا "وجه الإدارة المغربية" مجلة فكر ونقد، ع20، يونيو 1999، ص41 وما بعد.

[7] - انظر علال الفاسي: النقد الذاتي، تطوان، ط.2، ص101 وما بعد.

[8] - راجع مثلا عدد 10 نوفمبر 1999 من مجلة وجهات نظر القاهرية.

[9] - الفصل 13 من دستور 13 شتمبر 1996، ومع ذلك، يستطيع الحقوقيون إقناعنا بأن البطالة ليست خرقا للدستور ما دام الحق في شيء معين مثل الشغل لا يعني الالتزام.

[10] - راجع على الخصوص: محمد عابد الجاري، أضواء على مشكل التعليم بالمغرب، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1982.

[11] - راجع مقالنا، عوائق الإصلاح الإداري السياسي في اقتصاد الوظيفة العمومية المغربية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، ع18/1997، ص25 وما بعد.

[12]  - M.ROUSSET, L’administration marocaine, I.I.A.P, Paris, VI, 1970, p52.

[13]- V. Rémunération et promotion dans la fonction publique marocaine, Observatoire Marocaine de l’administration publique, Rabat, Fev. 2000.

[14]- Rémunération et promotion…, op.cit.

[15] - راجع مقال محمد الشيكر: أفكار محورية حول القطاع العمومي في المغرب، المجلة المغربية للاقتصاد والاجتماع، ع5 و6، المعهد الجامعي للبحث العلمي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1981، ص177-192.