ص1      الفهرس    المحور 

 

الأصل التقصيدي للنظرية النقدية

 عند علال الفاسي

إسماعيل الحسني

معنى هذا الأصل أن النخبة تتقصد "التطور المطلق" كمقصد يشكل القيمة الأساسية في ثقافتها المجتمعية. لذا توقف التمكين لهذا المقصد في المجتمع المغربي على "ثورة في التفكير(…) وحرية في الحركة)"(1). وعليه، فكما يتجه التفكير الحر إلى مقاصد مسايرة للتطور، ينضبط أيضا بمقاييس موافقة للعقل. تحدد الأولى وجهته المقاصدية في المستقبل، وتكشف الثانية عن معياريته العلمية في التفكر.

المطلب الأول:مقصد التفكير

إن التقصيد مركوز في كل فكر إنساني، فالفكر، من حيث هو فعل ذهني يستثمر فيه الإنسان إمكاناته المتنوعة لنيل حوائجه المتعددة(2)، نشاط تقصيدي يتضافر على تشكيل خطابه ثلاث عناصر: المضمون الخطابي، المضمون الغرضي والمضمون الإرادي(3) وكلها تنتظم في "مبدأ المقصدية"(4).

ويمكن، انطلاقا من هذا النظر، حصر المقصد التفكيري لخطاب النقد الذاتي في مقصدين: أحدهما عملي يهيمن على مسائل الفكر وتخضع له انشغالات العمل، والثاني علمي تهدف النخبة المجتمعية إلى تحقيقه.

أولا- المقصد العملي:

 يشكل المقصد العملي بداية بالبحث عن النظرية، لأنه "لابد أن تكون هناك أشياء ثابتة في الطبيعة أو في أسلوب الحياة لا تقبل التبدل أولا نستطيع نحن إلا أن نثبت عليها"(5).

ويتحصل هذا المقصد في "تحقيق الإرادة الإلهية في عمارة الأرض وإصلاحها والتآخي بين أفرادها والانتفاع بما سخره لنا القدر من عوامل لنصل بها إلى سعادتنا في الحياة وإلى طمأنينتنا حينما نعرض أمام الله لنجازى على ما قدمناه من أعمال"(6). هذا مقصد يؤسس مجال التفكير في نظرية النقد الذاتي سواء في مسائلها الفكرية أو في انشغالاتها العملية.

1 - التأسيس المقاصدي لمسائل الفكر:

"العمل هل يؤدي للغاية"(7) ممثلة في "عمارة الأرض وحفظ نظام التعايش فيها، واستمرار صلاحها بصلاح المستخلفين فيها، وقيامهم بما كلفوا فيها من عدل واستقامة، ومن صلاح في العقل وفي العمل وإصلاح في الأرض واستنباط لخيراتها وتدبير لمنافع الجميع"(8)؟ ذلك هو السؤال المقاصدي الذي يتعين أن يحكم التفكير المغربي حتى يظل موصولا بتلك الغاية. لكن أيعني الاعتداد بها عدم عقلانية التفكير المغربي؟

التفكير المغربي، تفكير إسلامي، والتفكير في الدين الإسلامي لما كان قائما على التساوي في الأخوة الإنسانية يؤدي بالناظر فيه إلى "الإيمان بالعقل من غير تحفظ"(9)، لأنه مبني على "حكمة العقل وعاطفة الحياة"(10)، لذا اقتصر على تنظيم منطقة العلاقات الاجتماعية بين الأفراد والجماعات. التنظيم العقلاني للمجتمع والارتباط الدائم بالمقصد العملي أمران يؤصلان العقلانية المغربية، بل يجسدان نقطة البداية في الفكر الإسلامي، فالتنظيم العقلاني يحمل المفكرين المسلمين، ومنهم المغاربة، على الثورة على كل فساد مجتمعي، كما أن المقصد العملي يحملهم، وباسمرار على التحرر من كل طغيان.

نعم يتأصل الفكر الإسلامي في تنظيمه المجتمعي على المقصد العملي السالف، لكنه في المجتمع المغربي يتكيف بمقومات مخصوصة، لأن التفكير في هذا المجتمع تفكير إسلامي ووطني، وفي طليعة المقومات الوطنية المغربية: "التمسك بالأرض واعتبارها في مظاهر اتحادها مع النموذج النفسي"(11). و"الحاجة للتطور"(12).

2 - التأسيس المقاصدي لانشغالات التنظيم:

يؤسس المقصد السالف العمل المجتمعي في المغرب، إذ تقوم شرعية تنظيماته على مدى خدمتها لمقتضياته المصلحية المتعددة.

فالمقصود من الجهاز الإداري هو تحقيق المصلحة العامة(13) التي هي الأساس الأخلاقي لكل أنواع السلط، والحزب كتأطير عصري للمغاربة يتأسس برنامجه على ما يتفرع عن المقصد العملي من أصول عامة، كالعدل والتآخي…(14).

يتجه القضاء إلى تحقيق أصل العدل ممثلا في إلغاء الفروق وتكوين نوع من المساواة بين الطوائف،(15) كما يقوم النظام الاقتصادي على أصل التآخي الإنساني حتى يتحرر الإنسان من الاستعباد المالي(16).

أما غاية التنظيمات المجتمعية الأخرى فتتحصل في "ضرورة التجديد المطلق في (…) البناء المغربي(…) عن طريق اعتماد المثل العالي(…) كغاية لكل عمل"(17).

ثانيا - المقصد العلمي:

يتحدد في توجيه النخبة المفكرة الرأي العام المجتمعي توجيها، كما يستمد قيمته العملية من مقومات المجتمع المغربي(18) تتغير قيمته العلمية بمقاييس نظرية مضبوطة.

1-المهام التوجيهية للمقصد العلمي: وتنحصر في المهام الآتية:

-تعميم الفكر بين المجتمع المغربي، الفكر الذي لا يقوم فحسب على الإقناع والدعوة المنظمة والاستدلال، بل يعتبر في بنائه مقومات المجتمع، "لأنه ما دامت الأشياء نسبية في هذا الوجود فمن الممكن أن نضع نحن تلك النسبية لأنفسنا، وأن لا تترك المصادفة وحدها هي التي تتحكم في تكوين خلقنا واجتماعيتنا"(19).

-تكوين الفكر الحر.

-عدم التسامح في المواجهة الفكرية مع الفاسد من الخلقيات والخاطئ من النظريات(20).

التمكين لهذه المهام خطوة أخرى في الخدمة المجتمعية تنضاف إلى خطوة الوعي بالمنشأ الإشكالي في المجتمع، لكن يجب، حتى تتحقق نجاعة مثل هذه الخطوات، أن ينضبط التفكير في المقصد العلمي، كما تجسد في المهام التوجيهية، بمقاييس محددة.

2-مقاييس المقصد العلمي: تستمد هذه المقاييس أهميتها، في نظر علال الفاسي، من افتقار المجتمع المغربي " لأرستقراطية بالمعنى الصحيح، وإنما هناك شعب بما فيه من راع ورعية، يرزح تحت أعباء العادات (…) والتي يستغلها أولئك الذين يريدون الاستمرار في سلب سيادة  الأمة واستغلال خيراته"(21).

ويمكن حصر أهم مقاييس التفكير "الأرستقراطية" فيما يأتي:

-مقياس المصلحة المجتمعية: يضبط هذا المقياس تفكير النخبة في جهتين: جهة النظر في أحوال المجتمع المتعددة ينتقل التفكير معها من الإحساس الشعوري بالمشاكل إلى الاجتهاد العلمي في تبين أسبابها، وجهة النظر في وسائل الصلاح المتنوعة ينتقل التفكير معها من الاقتصار على وسائل الصدقة الاختيارية إلى إبداع وسائل الخدمة الاجتماعية، المساوقة للكرامة الإنسانية كحق من الحقوق الإنسانية ومقصد من المقاصد الشرعية(22).

وسبيل فعالية هذا المقياس تحرر النخبة المفكرة من الأنانية، التي كما يفسر طغيانها منشأ نقاش المجتمع الإنساني، يكشف أيضا استعمالها التوجيهي لصالحه عظمة النفس الإنسانية(23).

يبدو من هذا المقياس أن الأساسي في العمل الفكري هو في مدى الالتحام بالحياة المجتمعية، كحقل مرجعي يستلهم المفكر منه عناصره الإبداعية، إذ الفعل الثقافي على اختلاف مستوياته وتنوع تراتباته، فعل إنساني حول الإنسان المرتبط بهيأة مجتمعية، المنصهر في بوتقتها الإنتاجية.

-مقياس الثورة الفكرية: يمكن للباحث بعد استقراء النقد الذاتي أن يؤصل دلالاته على الروح العلمية التي تنتظم عند علال الفاسي في حاجة المجتمع المغربي الضرورية "لثورة شاملة في الأفكار وفي الذهنيات(…) لأن هذه الثورة هي التي تفتح(…) آفاق المعرفة وتبين(…) طريق الإصلاح الصحيح"(24).

وترتكز في نظري الثورة الفكرية والذهنية المسطرة في كتاب النقد الذاتي على عقلانية في التفسير، وحوارية في المراجعة وشمولية في النظرية.

-العقلانية: تدل سياقات استعمال مادة العقل أو الذهن أو الفكر(25) على تلك الطاقات التي يتعين على الإنسان المغربي تحصيلها في تفكيره المجتمعي.

من ذلك إمكانات التمحيص النظري لكل الآراء عن طريق تلقيها بالصدر المنشرح، ومناقشتها بالنزيه من أساليب المنطق. لا تخفى أهمية عنصر العقلنة خاصة في سياق عملي يقتضي من العمل الوطني البرهنة النظرية والعملية على قدرة المغاربة في التسيير المجتمعي والمواكبة التاريخية(26). بل ليس من حق المغاربة أن لا يكونوا "عقلاء"(27).

تستند العقلانية في إمكاناتها المختلفة على مبادئ علمية لا يختلف فيها، وقد أشار إلى بعضها النقد الذاتي كتقليب الأشياء فيما بينها(28).

من شأن مثل هذه المبادئ أن تساعد الفعالية الإنسانية على تنظيم أسلوب عملها في المعرفة، إذ الأسلوب المرتكز على أمثال هذه المبادئ هو "العنصر الثابت في كل معرفة علمية، أما مضمون هذه المعرفة والنتائج التي نصل إليها ففي تغير مستمر"(29).

فعلى سبيل المثال المضمون الإشكالي للمجتمع المغربي في لحظته الراهنة، لا يماثل اللحظة التاريخية التي قارنت تأليف علال الفاسي لكتابة النقد الذاتي لأن مشاكل اليوم تختلف عن مشاكل الأمس. نعم يستفيد الباحث من الأسلوب التي اعتمده الرجل في بيان المنشأ الإشكالي للمجتمع المغربي. لا بمعنى النتائج التي خلص إليها لأن المجتمع الإنساني، ومنه المغربي في تغيير دائم، بل بمعنى الطريقة السببية التي انتهجها، لأن الهدف من البحث في العوامل المسببة للمشاكل هو تفسيرها تفسير عقلانيا حتى يقدر على التحكم في عواقبها تحكما ناجعا.

معنى هذا أن الباحث المغربي في هذه اللحظة الحضارية مطالب في دراسته للمجتمع المغربي الراهن ببناء عقلانية اختلاف لهذا المجتمع سواء في مفاهيمه أو في قوانينه أو في نظرياته لأنها كلها في تغير مستمر.

-الحوارية: لا يعتبر علال الفاسي ما سطره في كتابه النقد الذاتي أفكارا، بل دلالة على أفكار(30). ويظهر للمرء أن سبب ذلك آيل إلى أهمية المراجعة المستمرة التي يريد صاحبنا غرزها في البناء الفكري المغربي، لأن المقصود هو "الاستمرار في التفكير"(31).

ترتبط الحوارية بالفكر النقدي الذي يزاوج في بناء صرحه بين نقد الذات المنتجة ونقد الذات "القارئة والمستهلكة، لأنها نبني خطابنا سواء في مراجعتنا لذواتنا أو في مراجعة الآخرين لتلك الذوات عير سبل النقض والاختيار إذ في ذلك ما ينم عن الاحتفاء بالآخرين(32)، وعن الرغبة في ممارسة حرية الاختلاف، المرفوقة على كل حال بأخلاق المناظرة، الأخلاق التي من شأنها إبداع مسلك في تقويم البرنامج، لا في تقويم أشخاص واضعيه، لأنه صادر في المقام الأول عن قناعات منهجية ومنطلقات نظرية وليس مؤصلا في القوانين عملية ثابتة ولا مجادلات رياضية مسلمة.

لا تخفى في نظرية علال الفاسي أهمية الحوارية، بل ضرورتها في العمل المجتمعي(33)، خاصة بعد أن انتقل نشاط الوطنيين المغاربة من مطالبة فرنسا بتطبيق بنود الحماية إلى مطالبتها بالاستقلال التام للدولة المغربية. يقول علال الفاسي: "أعتقد أننا على أبواب مرحلة جديدة، يجب أن نتناولها بالدرس والتفكير وبالنظر، ونفتح للنخبة من أبناء الأمة طريق الفكر فيها والمداولة في شأنها(…) فنكون(…) عقدا تنطوي على مبادئ عامة صحيحة تتناول الحياة المغربية بأسرها"(34).

-الشمولية: ومعناها العملية الذهنية التي يتمكن الباحث عن طريقها من الإحاطة بموضوعه وبجدلية عناصره المتعددة. والشمولية في الفكر العملي لا تقتصر على الموضوع من حيث ظواهره المتنوعة ومشاكله المترابطة، بل تسري أيضا على الباحث من حيث النتائج التي تنتهي إليها، لأن "الحقيقة العلمية شاملة لأفراد عديدين أو لظواهر عديدة، وشاملة أيضا لكل العقول التي تستطيع فهمها"(35).

يؤسس علال الفاسي هذه الفعالية على مبدأ تضامني يتلخص في عقيدة الكل للكل والواحد للجميع، فـ"الجسم الممزق لا يمكن أن يحتفظ بحياته سليما، هكذا يجب أن ننظر للحقيقة ونحس بها"(36)، يتعين على الباحث، في ضوء هذا المبدإ، النظر إلى الجهاز الاجتماعي(37) في المغرب من زاوية تناسق عناصره، لا من زاوية تجزيء مكوناته. وعليه يميز المرء في الشمولية المنتشرة في النقد الذاتي بين نوعين: أحدهما في الموضوع والآخر في المنهج.

فشمولية الموضوع هي إحاطة النخبة المفكرة من جهة بكل ما شأنه التمكين للنهضة المجتمعية من موضوعات وإحاطة تفكيرها من جهة أخرى بالتركيبة المجتمعية من حيث كل الأجزاء التي تتركب منها البلاد والعناصر التي تتركب منها الأمة(38).

أما شمولية المنهج فهي تأسيس للإحاطة بالموضوع المجتمعي على ثلاثة أنظار: الأول تدقيقي والثاني علائقي والثالث تركيبي. النظر التدقيقي هو النظر إلى عنصر مجتمعي مفصلا إلى أجزاءه، لأن من إشكالات الفكر العملي الجمع الجدلي بين التعميم وبين الإلمام الواعي بالتفاصيل(39).

ويهتم النظر العلائقي بعلاقتين أساسيتين: علاقة كل عنصر من التركيبة المجتمعية بالعناصر الأخرى، وعلاقة كل مشكلة مجتمعية بمسألة النهضة المجتمعية، إذ من شأن هذا النظر ضبط وحدة الموضوع المجتمعي، لأن تلك الوحدة "لا تظهر إلا من خلال الكشف عن الجدلية الداخلية التي تكونه"(40).

أما النظر التركيبي فيعنى الباحث من خلاله بمجموع التركيبة التي لا بد من استحضارها لتحقيق المقصد العملي للمجتمع(41).

يمكن للباحث، على هدي من عنصر الشمولية، أن يفهم مغزى ببعض بنود وثيقة يناير 1944، التي منها فشل الحماية في التوفيق بين مصالح العناصر والمكونات التي تشكل المجتمع المغربي، بل وبهذا التأسيس العلمي للشمولية في كتاب النقد الذاتي برهن علال الفاسي أن معارضة الوطنيين المغاربة لإصلاحات(42) الحماية لا تستند فحسب على المبادئ العامة لوثيقة يناير 1944 بل تقوم بعد 1948 على برنامج شامل.

صفوة القول في شأن المقصد التفكيري في نظرية النقد الذاتي توزعه إلى مقصدي العمل والعلم، الأول يسيطر على قضايا الفكر وانشغالات التنظيم، والثاني يؤسس ما تتقصده النخبة من مهام توجيهية على مقياس المصلحة المجتمعية والثورة الفكرية، لكن يجب، لكي تكتمل النجاعة المجتمعية لتلك المهام، أن تتعضد بموقف فلسفي من الحرية والتزام نخبوي بمقتضياتها المجتمعية، وهو موضوع المطلب الثاني من هذا المبحث.

المطلب الثاني: مقصد الحرية

قد لا يبالغ المرء إذا جنح مع الباحث المغربي عبد الله العروي إلى القول: إن تفكير علال الفاسي "يدور(…) داخل المعادلة التالية: الإسلام هو الفطرة، والفطرة هي الحرية فالإسلام هو الحرية"(43).

لذا ندرك تأصيل مفهوم الفطرة لمقصد الحرية في تفكيره، ليس فحسب في كتابه النقد الذاتي، بل في كل إنتاجه النظري(44) وجملة مواقفه العملية. فالفطرة تمكن الإنسان، بمقتضى العقد الأزلي بينه وبين خالقه(45)، من إدراك الحرية، إذ ما كان للإنسان تحصيل هذه الحرية الإدراكية "لولا  الرشد الديني الذي جاء به الإسلام"(46).

يقتضي الطرح المقاصدي(47) للحرية أمرين: موقف فلسفي من بعدها الإشكالي والتزام نخبوي لمستلزماتها المجتمعية.

أولا - الموقف الفلسفي من الحرية:

الموقف الفلسفي من الحرية(48) موقف صعب وحرج ودقيق(49)، لأنه يتطلب وباستمرار، الوعي بإشكالاتها المتنوعة، شعارا وتجربة ومفهوما(50). فليس المقصود في هذا الموقف التغني بفعالية الحرية، كحلية إنسانية وزينة مدنية(51)، بل المقصود نوع الاعتبار النظري الذي يؤسسه، الاعتبار الذي يكيف أبعاد النظرة المجتمعية للحرية.

1-الاعتبار المقاصدي للموقف من الحرية:

المفهوم من الحرية في كتاب النقد الذاتي أن يعد الإنسان نفسه "لمبدأ صحيح وعقيدة ثابتة ويعمل لها، ويرعاها في سلوكه وأعماله وتفكيره بما تشتمل عليه من تفاصيل وما يحيط بها من جوانب(52).

يتبين من هذا المفهوم للحرية ذلك الاعتبار الذي يرجعها إلى مصدر روحي غير قابل للتقييد، لأنها قيمة أساسية في نظام التفكير الإسلامي والوطني المغربي، فالتحرير هو عصب وجود الإسلام والشخصية المغربية تواقة إلى الاستقلال في كل شيء حتى عن أصحاب عقيدة إسلامية اقتنعوا بها(53).

كما يتبين من هذا المفهوم أن الاعتبار الذي يؤسسه بمقتضى مسؤولية مجتمعية في الاشتغال الفكري والسلوك العملي هي مسؤولية عمارة الأرض وإصلاحها بوسائل الإنسان الإرادية والفكرية والعملية(54).

الأصل الروحي للحرية، مسؤولية الإنسان في التنزيل المجتمعي لذلك الأصل، أمران يكشفان طبيعة الاعتبار النظري الذي يؤسس الموقف الفلسفي للحرية عند علال الفاسي، أنه اعتبار مقاصدي يتجه بإمكانية الحرية وجهة مستقبلية، لأن الإنسان يطمح في سعيه الحياتي إلى التخلق بخلق الحرية المطلقة(55).

ويبدو لمؤرخ فكرة الحرية مماثلة هذا الاعتبار المقاصدي لخلاصة من الخلاصات التي انتهى إلى بنائها الدرس النقدي لنظرية الحرية في الفكر الأوروبي الحديث، فلا تتحقق الحرية بحسب أبرز رواده في الآن، بل ترجأ إلى المآل. قرر ذلك هيجل عندما تتوافق أهداف من الفرد وعقلانية الدولة ومصير التاريخ، كما قرر ذلك ماركس عندما يختفي المجتمع المبني على الملكية وعندما يستوعب الإنسان العلوم الموضوعية(56).

2-البعد المجتمعي في الاعتبار المقاصدي للحرية.

يؤسس الاعتبار المقاصدي سلم تقويم الأفعال الإنسانية، فعلى قدر نهلها من مصدره الروحي تنأى عن التقييد، وعلى قدر ابتعادها تقترب من التقييد.

ففي حال ابتعادها عن المصدر الروحي تكون أفعالا غريزية في التصرفات المجتمعية التي لا تنأى عن التنازع والتغالب والتهارج، لذا تعين تقييدها عن طريق التشريع المحافظ على المصلحة العامة.

لا يمكن للحرية الغريزية أن تكون مطلقة في الحياة المجتمعية بما تتطلبه من التزامات وعقود وعهود ونحوها، فعلى سبيل المثال لم يبح للمحتاج أن يسرق ولا للشخص أن يتناسل بغير الزواج الشرعي…

أما في حال ارتباطها بالمصدر الروحي تكون أفعالا فطرية، ولكنها، كما يقول علال الفاسي: "فطرية باعتبار الواقع، ولا أقول الطبيعة الفطرية، لأن الفطرة هي الإنسانية المسلمة أو الإسلام الإنساني"(57).

فالتطور المجتمعي يجب، لكي يكون خلاقا ومبدعا، أن يمتاح من الاعتبار المقاصدي الذي يتجه بالفعل الإنساني وجهة الحرية المطلقة التي ينشدها الإنسان في المستقبل. وتلك مهمة من المهام التي تضطلع بها النخبة في المجتمع. فكان إبداعها العقلي في هذا الباب غير قابل للتقييد، أو قل كانت حريتها الفكرية في ذلك الاضطلاع حقا عقليا مرسلا لاحقا غريزيا مقيدا.

ويبدو أن نقطة انطلاق البعد المجتمعي في الاعتبار المقاصدي لهذه الحرية الفكرية، متجسدة في صعوبة النظر إليها في استقلال عن الممارسة في القول والتصرف، خاصة في الوقت الحاضر التي تبدأ فيه هذه الحرية من الأفراد وباتجاه الأفراد وتنتهي بكافة مجالات الخدمات العامة والمصالح التي تديرها الدولة(…) وهي ليست قاصرة على فئة معينة بطبيعة الحال(…).

لذلك فإن أهمية هذه الحرية تتضاعف لاتصالها الوثيق بكل ما يمس الأفراد والسلطات على تعددها في الدولة(58).

ثانيا - الالتزام النخبوي في الحرية:

 تتحمل النخبة المفكرة مسؤولية التمكين لمبدأ التفكير الحر في المجتمع. ونميز مع علال الفاسي بين مظهرين متلازمين في تلك المسؤولية: أحدهما عملي والآخر علمي.

1-المظهر العملي للالتزام النخبوي في الحرية: ترتهن فعالية التفكير النخبوي بمدى تحرر القائمين عليه: أولا بقبولهم حق الاختلاف في النقد لأنه قد أجد صعوبة لقبول الانتقاد من الآخرين، ولكن يجب أن أتعود على ذلك، ويجب أن لا يصدمني حتى يمنعني عن الاستمرار في التفكير(59). وثانيا بتحملهم الواقعي لتبعات الفكر الحر، وفي طليعتها التحرر "من كل سلطة حسية أو معنوية لذوي المال أو ذوي الجاه و(…) كل المنافع الموقوتة"(60).

مبدأ حرية التفكير، كحق عقلي، مبدأ مكلف في حياة مجتمعية، كالحياة المغربية التي يسيطر على بنائها الفكري الخوف والمحافظة. "فحاسة الخوف" في تفكير معظم المغاربة لا ترى في كل جديد إلا عائقا يحول دون الاستفادة الدائبة من مصالحهم "الموروثة"، أما حياة المحافظة فتعوق تفكيرهم المجتمعي في شؤون الأسرة ونظام الزواج وقضايا الضرائب والملكية الزراعية(61).

لكن هل تقبل الحياة المجتمعية السماح بالتفكير الحر في كل القضايا على تنوع مجالاتها وتراتب درجاتها؟ الحق أن تاريخ تلك الحياة يفيدنا أنها تستلزم دائما وضع قيود لا يمكن للتفكير الحر أن يتخطاها، من تلك القيود عقائد المجتمع وفكرته عن النظام العام والآداب العامة..

لكن مرة أخرى، أيعني التبصر بهذه الخلفية التنظيمية العدول عن ضرورة حرية التفكير؟ ليس الأمر كذلك بالنسبة لعلال الفاسي، لأنه إذا كانت الحرية ستحرقنا فلتفعل، فإنها على كل حال خير من الضغط، ومن التغذي بأفكار تنظمها عبادة القوة أو عبادة المال(62)، ويبدو من هذا القرار العملي ما يقتضيه أيضا من اختيار منهجي يقتدر به على فهم وتفهم الإشكالات المجتمعية لحرية التفكير.

2-المظهر العلمي للالتزام النخبوي في الحرية: لا سبيل أمام النخبة في إنجاز مهامها التوجيهية إلا طريق التفكير المحرر على مقاييس المصلحة المجتمعية والروح العلمية، ذلك هو الاختيار المنهجي الذي يحتمه البناء الفكري الصحيح للمجتمع المغربي.

نعم إن الخطوة الأولية في المقصد النخبوي هي تعميم التفكير، التفكير الحر في قضايا المجتمع المغربي بما يعنيه من رفع للمستوى الثقافي، لكن كيف السبيل إلى الظفر بالمصلحة المجتمعية في تلك القضايا؟ أو قل كيف توجه النخبة الفكر العام للشعب المغربي نحو خدمة الفكرة الباطنية التي يضمرها ويود أن يدافع عنه(63)؟

لا تخفى عن الناظر أهمية هذا الإشكال في سياق العمل المجتمعي المعاصر الذي يتميز بالتعدد في التكوين الثقافي وبالتطور في التواصل الحضاري.

جنح علال الفاسي في حل الإشكال إلى الأساليب الديمقراطية، لكن ليس فحسب كحقائق مؤسسية(64) بل كاختيارات منهجية في الثقافة المجتمعية للحكام والمحكومين.

لا يماري أحد في بعض العيوب التي تطفح بها المؤسسات الديمقراطية، لأن الحرية التامة منتفية عن الناخبين في الاستفتاءات والاقتراعات من جهة، ولأن الجمود الفكري قد يسيطر على أنظار الغالبية منهم من جهة أخرى.

كل هذا وغيره، لا يستطيع أن ينتقص من القيمة التنظيمية للمؤسسات الديمقراطية كوسيلة في معرفة "الفكر العام"، حتى تقدر النخبة على توجيهه وفق ما تراه من فكر مصلحي، إذ "ليس هناك نظام كامل بكل معاني الكلمة ما دام ليس هناك بشر منزهون عن الغرض والعبثية والانتفاعية، ولكن الأسلوب الديمقراطي خير وسيلة ممكنة للتعبير عن الفكر العام واستكناه رغبات الشعب الحقيقية(65).

لا يمكن لعيوب الديمقراطية من هذه الجهة أن تكون قدرا لازبا، لأنه يمكن تجنبها عن طريق اعتبار بعض الأصول(66) التي لا يمكن بدونها قيام حياة مجتمعية مستقرة، بل يمكن القول مع أحد الباحثين: "إننا نلاحظ عند تتبعنا لتطور المجتمعات أنها تطور باستمرار صياغة الأسس التي تقوم عليها(…) كلما بلغ المجتمع درجة من التطور الفكري وكلما سادت العلاقات بين أفراده ومؤسساته خصائص التماسك والتوازن، كان هذا المجتمع أكثر من غيره على الانفتاح على كل حوار يمس نظامه وسيرورته"(67).

معنى هذا أن القرار الديمقراطي ليس فحسب بنيات مؤسسية تتعدد خلفيات مستثمريها، بل هو أيضا اختيار منهجي. وبين البنيات والاختيار علاقة جدلية محورها مقاييس المصلحة المجتمعية والثورة الفكرية.

فعلى هدي هذا المحور يبنى المظهر العلمي للالتزام النخبوي في الحرية لأنه كما قال علال الفاسي: إذا كانت الديمقراطية هي سيطرة العقل، فمن الواجب أن نتجه في اعتبارنا كله لرفع مستوى العقل والإعلاء من شأنه، لأنه وحده الذي يحمينا من أخطائنا ويعقلنا عن شهواتنا(68).

والحاصل أن مقصد الحرية لما كان متجها إلى المستقبل في تقويم الفعل المجتمعي كان حقا عقليا مرسلا، تقوم خدمته المجتمعية على قرار ديمقراطي بين بنياته المؤسسية واختياراته المنهجية علاقة جدلية تتمحور مقاييس الثورة الفكرية والمصلحة المجتمعية.

ذلك ما بينه علال الفاسي في ظاهر وباطن خطابه في النقد الذاتي، ومن ثم فإن القول: إن الحركة الوطنية لم(…) تشرح المضمون الديمقراطي الذي سيعطي الاستقلال(69)، هو حكم في محل نظر وتأمل.

المراجع

- إبراهيم بدران وسلوى الحناش: دراسات في العقلية العربية، بيروت، لبنان، دار الحقيقة، ط2، 1979م.

- إسماعيل الحسني: نظرية المقاصد عند الإمام محمد الطاهر بن عاشور، فرجينيا، الولايات المتحدة الأمريكية، منشورات المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط1، 1995م.

- برهان غليون: اغتيال العقل، بيروت، لبنان، دار التنوير للطباعة والنشر، ط2، 1987م.

- أبو بكر القادري: سعيد حجي، دراسة عن حياته ونشاطه السياسي، البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، 1979م.

- ذوقان عبيدات وآخرون: البحث العلمي، دار الفكر، 1989م.

- ريمون بودون: مناهج علم الاجتماع، ترجمة هالة شبون الحاج، بيروت، لبنان منشورات عويدات، ط2 1980م.

- ودوروت روبرت: مدارس علم النفس المعاصرة، ترجمة كمال الدسوقي، بيروت، دار النهضة العربية، 1981م.

- الشاطبي، أبو إسحاق: الموافقات في أصول الشريعة، ضبط وتعليق عبد الله دراز، بيروت، دار الكتب العلمية، بدون تاريخ.

- الشوكاني: إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول، دار الفكر، بدون تاريخ.

- طه عبد الرحمان: في أصول الحوار وتجديد علم الكلام، البيضاء، المؤسسة الحديثة للنشر والتوزيع، ط1، 1987م.

تجديد المنهج في تقويم التراث، البيضاء، المركز الثقافي العربي، ط1، 1994م.

- عبد الكريم غلاب: ملامح من شخصية علال الفاسي، مطبعة الرسالة، 1974م.

- عبد القادر الشاوي: حزب الاستقلال 1944-1982، البيضاء، عيون المقالات، المطبعة الجديدة، ط1، 1990م.

- عبد الله العروي: مفهوم الحرية، البيضاء، المركز الثقافي العربي، ط3، 1984م.

مفهوم الدولة، البيضاء، المركز الثقافي العربي، ط4، 1988م.

- علال الفاسي: النقد الذاتي، الرباط، لجنة نشر تراث علال الفاسي، ط5، 1979م.

مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها، البيضاء، مكتبة الوحدة العربية، بدون تاريخ.

- دفاع عن الشريعة، الرباط، مطابع الرسالة، 1966م.

- الحركات الاستقلالية في المغرب العربي، البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، ط5، 1993م.

 

الهوامش

1 - النقد الذاتي، ص 442، يقول علال الفاسي في مكان آخر: "العقيدة الإسلامية (…) حركية لتغيير المجتمع(…) تحيا بقدر ما يعود للعقل مكانه في المجتمع (أثر العقيدة في المجتمع)، مجلة دعوة الحق، الرباط، المغرب، العدد 3، 1965م، ص 8.

2 - ابن منظور، لسان العرب، بيروت، لبنان، ط 1، 1955م، مادة: فكر، 2/1120.

3 - الفيومي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، بيروت، لبنان، المكتبة العلمية، مادة: قصد، وأيضا روبرت ودورت، ترجمة كمال الدسوقي، مدارس علم النفس المعاصرة، بيروت، دار النهضة العربية، 1981م، ص 305-306.

4 - عبد الرحمان طه، تجديد المنهج في تقويم التراث، البيضاء، المغرب، المركز الثقافي العربي، ط 1، 1994م، ص 107.

5 - علال الفاسي، في المذاهب الاقتصادية، الرباط، المغرب، مطبعة الرسالة، ص 100.

6 - النقد الذاتي، ص 112.

7 - المرجع نفسه، ص 117.

8 - علال الفاسي، مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها، البيضاء، المغرب، مكتبة الوحدة العربية، ط 1، بدون تاريخ، ص 42.

9 - النقد الذاتي، ص 116.

10 - المرجع نفسه، ص 117.

11 - المرجع نفسه، ص 134. ويبدو أن المقصود بالنموذج النفسي هو "شعور المغاربة بالحاجة المثمرة للاستقلال القومي والذاتية الإقليمية وما يتبع ذلك من تمسك بالتقاليد وتعلق بالأرض إلى درجة التقديس ومقاومة لكل تدخل خارجي، إلى الكفاح المستمر ضد كل امتلاك ولو كان داخليا وضد كل محاولة استعباد مهما كان مصدرها "المرجع نفسه، ص 407.

12 - المرجع نفسه، ص 138. في طليعة الأمور التي تقتضيها الحاجة التطويرية تعويض المنظمات القديمة بأخرى تساير روح العصر.

13 - المرجع نفسه، ص 146. تتنوع صور المصلحة العامة بحسب تنوع الأهداف الإدارية، كلود جورج، ترجمة أحمد حمودة، تاريخ الفكر الإداري، مكتبة الوعي العربي، بدون مكان الطبع، ص 161-163.

14 - النقد الذاتي، ص 146

15 - المرجع نفسه، ص 172.

16 - المرجع نفسه، ص 411.

17 - المرجع نفسه، ص 442.

18 - تنتظم كلها في "مجموع الأرض والمثل الأعلى" المرجع نفسه، ص 139.

19 - المرجع نفسه، ص 86.

20 - المرجع نفسه، ص 56-60 و 88-94.

21 - المرجع نفسه، ص 157. يفسر صاحبنا هذا الانتقاء في موضع آخر بقوله: "إن نخبتنا (…) لم ترد أن تلتفت إلى العقل لتجعله حكما مطلقا في رغباتها" ص 61.

22 - المرجع نفسه، ص 18-19، وأيضا مقاصد الشريعة، ص 231.

23 - النقد الذاتي، ص 13-16.

24 - المرجع نفسه، ص 406.

25 - المرجع نفسه، ينظر على سبيل المثال الصفحات الآتية: تصدير الكتاب، 20-46-99-100-105-129، وغيرها من المواضع التي يكفينا منها قول علال الفاسي: إنني ما أزال أكرر القول مدويا: إننا في حاجة إلى ثورة شاملة في الأفكار وفي الذهنيات"، ص 150.

26 - المقصود هنا الظروف التي أحاطت بـ "ميثاق 11 يناير 1944"، الحركات الاستقلالية، ص 277-287.

27 - النقد الذاتي، ص 57.

28 - المرجع نفسه، ص 460.

29 - فؤاد زكريا، التفكير العلمي، الكويت، سسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1978م، ص 29.

30 - تصدير كتاب النقد الذاتي.

31 - المرجع نفسه، ص 59.

32 - ابن سالم حميش، (الحق في السجال)، باريس، مجلة اليوم السابع، عدد أكتوبر 1988، ص 22-23.

 33 - "الحوارية تقوم(…) على مبدأ "التعاون" مع الغير في طلب الحقائق والحلول في تحصيل المعارف واتخاذ القرارات وفي التوجيه بها إلى العمل"، طه عبد الرحمان، في أصول الحوار والتجديد، علم الكلام، البيضاء، المغرب، المؤسسة الحديثة للنشر والتوزيع،1987، ص30.

34 - النقد الذاتي، ص 22-23.

35 - دوقان عبيدات، البحث العلمي، دار الفكر، 1989، ص 53.

36  - النقد الذاتي، ص 24.

37 - المرجع نفسه، ص 427-416.

38 - المرجع نفسه، ص 21.

39 - محمد وقيدي - (التعميم وازداء التفاصيل)، مجلة الوحدة، الرباط، المغرب، العدد 14، 1985، ص 113-121.

40 - برهان غيلون، اغتيال العقل، بيروت، لبنان، ط 2، 1987، دار التنوير للطباعة والنشر، ص 60.

41 - النقد الذاتي، ص 26-35.

42 - ينظر في شأن إصلاحات الحماية، عبد القادر الشاوي، حزب الاستقلال، البيضاء، المغرب، عيون المقالات، المطبعة الجديدة، ط 1، 1990، ص 87-104.

43 - عبد الله العروي، مفهوم الحرية، البيضاء، المغرب، المركز الثقافي العربي، ط 3، 1984، ص 81.

44 - ينظر إلى البحث الذي قدم في ندوة "علال الفاسي العالم المجدد" :إسماعيل الحسني، (أصول التفكير المقاصدي عند علال الفاسي)، ملحق العلم للفكر الإسلامي، الرباط، المغرب، العدد: 107، السنة 3، ص 5.

45 - يقول علال الفاسي في سياق حديثه عن السند الإسلامي للحرية: "الحرية الإسلامية هي الحرية (…) بشرع الله وفعله، حيث قال سبحانه وتعالى في عالم الأزل (…) للبشرية كلها: "ألست بربكم قالوا بلى" (…) فهي شرعية بهذا الاعتبار ولكنها فطرية باعتبار الواقع(…) لأن الفطرة هي الإنسانية المسلمة أو الإسلام الإنساني"، الحرية، نشر اللجنة الثقافية لحزب الاستقلال، بدون تاريخ، ص 5.

46 - مقاصد الشريعة، ص 200.

47 - إذ الحرية تتجه دائما إلى المستقبل لأنها في تفكير صاحب النقد الذاتي "الحركة التي يفكر بها الإنسان، والحركة التي يشتغل بها الإنسان" الحرية، ص 4.

48 - ترجع الاستعمالات اللغوية لمادة "حرية" في القواميس العربية إلى معنى التخلص من كل الأمور التي تجعل الناس رقيقا وعبيدا لها، لسان العرب: حر. ومن تلك الأمور الأخلاق الذميمة، كالذل والكسل والخساسة، فنشأ عن ذلك اعتبار العرب صفات الكمال من صفات الأحرار. محمد الطاهر بن عاشور، أصول النظام الاجتماعي في الإسلام، تونس، الدار التونسية للنشر، 1977م، ص 161. وأيضا مفهوم الحرية، ص 14، 13.

49 - أصول النظام الاجتماعي، ص 177.

50 - مفهوم الحرية، ص 5-8.

51 - عبد الرحمان الكواكبي، طبائع الاستبداد، القاهرة، مصر، الهيئة العصرية للطباعة والنشر، 1970، ص 57.

52 - النقد الذاتي، ص 55. يلاحظ علال الفاسي أنه من "الخير ألا نحدد الحرية من الناحية المنطقية، لأن الحد المنطقي يحمي الحرية من السرر المنطقي، وهذا التسرير يجعلها تقف دون معطياتها الحقيقية ودون حدودها الطبيعية" الحرية، ص 7.

53 - النقد الذاتي، ص 139.

54 - المرجع نفسه، ص 54 و 122-129.

55 - الحرية، ص 4.

56 - الحرية، ص 63-69.

57 - الحرية، ص 5.

58 - عدي زيد الكيلاني، مفاهيم الحق والحرية في الإسلام والفقه الوضعي، عمان الأردن، ط 1، 1990، ص 186.

59 - النقد الذاتي، ص 59.

60 - المرجع نفسه، ص 74، يعترف علال بصعوبة هذا المظهر العملي في الوسط المغربي، لأنه قائم في معظم مكوناته على الانتفاعية والانتهازية (…) وكل من يرفض الاستناد إليهما يرحم من متعة العيش وملذات الحياة، المرجع نفسه، ص 175.

61 - المرجع نفسه، ص 57-60.

62 - المرجع نفسه، ص 175.

63 - النقد الذاتي، ص 261.

64 - كالدستور والمجالس النيابية والانتخابات الدورية…

65 - النقد الذاتي، ص 69.

66 - كعدم اعتبار حكم الأغلبية في تضييع استقلال البلاد… النقد الذاتي، ص 69.

67 - محمد وقيدي، بعض إشكالات حرية التفكير، الرباط، المغرب، العلم، 22/8/1994، ص 12.

68 - النقد الذاتي، ص 69. من الأهداف الأساسية في سيطرة العقل تغيير الذهنيات بما تستلزمه من إحلال الحزب والنقابة والجمعية والمسجد محل المنظمات العرفية، المرجع نفسه، ص 416. وذلك ما عبر عنه أحد الباحثين بقوله: "إحلال الولاء للفكرة وللاختيار الإديولوجي محل الولاء للشخص" محمد عابد الجابري، وجهة نظر نحو إعادة بناء قضايا الفكر العربي المعاصر، البيضاء المركز الثقافي العربي، ص 1، ص 135.

69 - محمد ملوك، (القضية الوطنية الديموقراطية)، ضمن كتاب، بيان يناير 1944 بين مطلبه: الاستقلال والديموقراطية، منشورات أمل 1996، ص 167.